Daily Archives: 17 ماي 2019

فوائد رمضانية ( الفائدة الثانية عشرة )

سورة الأنفال آية 13
ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (13)
مخالفة الله ورسوله توجب الطرد والبعاد، وموافقة الله ورسوله توجب القرية والوداد، وهذه الموافقة التي توجب للعبد المحبة والوداد تحصل بخمسة أشياء:
1- امتثال أمره.
2- واجتناب نهيه.
3- والإكثار من ذكره.
4- والاستسلام لقهره.
5- والاقتداء بنبيه صلّى الله عليه وسلم والتأدب بآدابه، والتخلق بأخلاقه.
وبأضداد هذه الأشياء يحصل للعبد المخالفة التي توجب طرده وبُعده، وهي مخالفة أمره، وارتكاب نهيه، والغفلة عن ذكره، والتسخط عند نزول قهره، وعدم الاقتداء بنبيه صلّى الله عليه وسلّم بارتكاب البدع المحرمة والمكروهة، حتى يُفضى به الحال إلى المشاققة والمباعدة، ومَنْ يُشاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ.

فوائد رمضانية ( الفائدة الحادية عشرة)

[سورة الأعراف : الآيات 8 الى 9]
وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8) وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ (9)
الجمهور على أن صحائف الأعمال تُوزن بميزان له لسان وكفتان، ينظر إليه الخلائق إظهاراً للمعدلة وقطعًا للمعذرة، كما يسألهم عن أعمالهم، فتعترف بها ألسنتهم، وتشهد بها جوارحهم. فمن رجحت حسناته فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ الفائزون بالنجاة والثواب الدائم، وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بتضييع الفطرة السليمة التي فُطِروا عليها، واقتراف ما عرضها للهلاك، بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ حيث بدلوا التصديق بها بالتكذيب، والعمل فيها بالتفريط.
🌹واعلم أيها المريد أن….
العمل الذي يثقل على النفس كله ثقيل في الميزان لأنه لا يَثْقُل عليها إلا ما كان حقًا، والعمل الذي يخف على النفس كله خفيف لأنه فيه نوع من الهوى إذ لا يخف عليها إلا ما لها فيه حظ وهوى. وفي الحكم:
«إذا التبس عليك أمران، فانظر أثقلهما على النفس فاتبعه فإنه لا يَثْقُل عليها إلا ما كان حقًا» .
وقال أبو بكر الصديق رضى الله عنه: والله ما ثقل ميزان عبد إلا باتباعه الحق، وما خف إلا باتباعه الهوى.

فوائد رمضانية ( الفائدة العاشرة)

[سورة الأعراف : آية 2]
كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (2)
الدعوة إلى الله وحمل راية الإصلاح و تذكير أهل الإنكار ( المنكرين ) والمفسدين في الأرض ووعظهم يحتاج إلى سياسة كبيرة وحلم كبير وصبر عظيم، لا يطيقه إلا الأكابر من أهل العلم بالله كالأنبياء والصديقين، لسعة معرفتهم، واتساع صدورهم لحمل الجفاء وتحمل الأذى، ونهيه تعالى لنبيه- عليه الصلاة والسلام- عن ضيق صدره: تشريع لورثته من بعده الداعين إلى الله- عزَّ وجَلَّ وإلّا فهو صلّى الله عليه وسلّم بحر واسع، لا تكدره الدِّلاءُ، كما قال البوصيري.
لا تقس بالنبيّ في الفضل خلْقا***فَهو البَحرُ والأَنَامُ إِضاءُ
🌹(الإضاء جمع إضاءة، وهى: الغدران- جمع غدير)🌹

فوائد رمضانية ( الفائدة التاسعة )

وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (116) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (117) الأنعام
الإعراض عن الخلق عامةً والاكتفاء بالملك الحق ركن من أركان الطريق في رحلة السير إلى الله. قال الشيخ زروق رحمه الله: أصول الطريق خمسة أشياء: تقوى الله في السر والعلانية، واتباع الرسول في الأقوال والأفعال، والإعراض عن الخلق في الإقبال والإدبار، والرجوع إلى الله في السراء والضراء، والرضا عن الله في القليل والكثير.
قال أحد المريدين سألت أحد العارفين من أشياخي:
كيف الطريق إلى التحقيق والوصول إلى الحق؟ قال: لا تنظر إلى الخلق، فإن النظر إليهم ظلمة، قلت: لا بد لى،قال: لا تسمع كلامهم فإن كلامهم قسوة، قلت: لا بد لي، قال: فلا تعاملهم، فإن معاملتهم خسران وحسرة ووحشة، قلت: أنا بين أظهرهم، لا بد لي من معاملتهم، قال: لا تسكن إليهم فإن السكون إليهم هلكة، قلت: هذا لعله يكون، قال: يا هذا، تنظر إلى اللاعبين، وتسمع إلى كلام الجاهلين، وتعامل البطَّالين، وتسكن إلى الهلكى، وتريد أن تجد حلاوة المعاملة في قلبك مع الله عز وجل!! هيهات، هذا لا يكون أبدًا.

فوائد رمضانية (الفائدة الثامنة)

[سورة الأنعام : آية 28]
(بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (28)
غدا يوم تنهتك الأستار، وتظهر الأسرار- فكم من مجلّل بثوب تقواه، ويحكُم له معارفه بانه زاهدٌ فى دنياه، راغبٌ فى عقباه، محبٌ لمولاه، مفارقٌ لهواه، فيُكشف الأمر عن خلاف ما فهموه، ويفتضح عندهم بغير ما ظنوه.
وكم من ناسك عابد من أولياء الله ستره مولاه! ظنّ الكلّ أنه خليع العذار ، مشوش الأسرار، فظهر لذوى البصائر جوهره، وبدت عن خفايا الستر حقيقته ” رب أشعث أغبر ذي طمرين تنبو عنه أعين الناس لو أقسم على الله لأبره “
«وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ» وفي هذا: الإخبار بما لا يكون، ولو كان كيف يكون، وهو مما انفرَد الله بعلمه، فقال لو رُدّ أهل العقوبة إلى دنياهم لعادوا إلى جحدهم وإنكارهم، وكذلك لو ردّ أهل الصفاء والوفاء إلى دنياهم لعادوا إلى أحسن أعمالهم.